إذا كان الهدف تحقيق نجاح مدروس، فالاستراتيجية أمر لا بد منه والاستثمار ليس استثناء. لأن استراتيجية الاستثمار هي الطريق الذي سيسير عليه المستثمر لإنجاز خططه وتحقيق أهدافه.
تتوافق جميع الاستراتيجيات بغايتها لتحقيق النجاح، لكنها دائمًا ما تختلف بأنواعها وطرق تنفيذها لا سيما وأن منظور الأشياء يختلف بين شخص وآخر. فإذا كنت ترغب بالاستثمار وتبحث عن استراتيجية استثمارية ربما عليك التأني قليلًا والتوجه لما يتوافق معك.
فأي مستثمر أنت؟
منذ بداية التفكير في الاستثمار تبدأ جميع المراحل بالترابط بشكل أو بآخر، فإذا أردت اختيار أنسب استراتيجية عليك اختيار أهدافك ومن ثم جعلها تتوافق مع ما ترغب بتحقيقه والفترة الزمنية لذلك، وهنا عليك التفكير مجددًا في أسئلة مثل:
- هل ترغب باستثمار طويل المدى؟ أم قصير المدى؟
- هل الاستثمار هدفه شراء أسهم وتركها لتحقيق عائد بعد سنوات طويلة؟
- هل الهدف تحويل الاستثمار لدخل ثابت أو مجال عمل؟
يُساعد طرحك للتساؤلات مجددًا حول أهدافك الاستثمارية والغرض منها في تضييق الخيارات، وبالتالي الوصول أسرع للاستراتيجية أو الاستراتيجيات المناسبة.
أبرز استراتيجيات الاستثمار
- استثمار النمو (طويل وقصير المدى) (Growth Investment)
تتمحور الاستراتيجية حول الاستثمار في الشركات التي خطت طريقها بقوة في السوق وتنمو بتسارع يفوق معدل الشركات الأخرى؛ مثلما الحال مع شركات التقنية. وعند شراء هذه الأسهم التي تكون غالبًا مرتفعة السعر، من الممكن استمرار ارتفاعها أكثر بكثير وبالتالي يمكن بيعها وتحقيق هامش ربح سريع، وربما تتراجع لأن نموها يعتمد على بعض الظروف الخارجية غالبًا ما سيساهم في انخفاض سعرها.
لكن على المدى البعيد تشهد هذه الأسهم عودة للنمو على حسب طبيعة السوق، وبالتالي عند شرائها يمكن الاستفادة من بيعها بعد سنوات بسعر أعلى.
- استثمار القيمة (Value Investment)
تحظى بعض الشركات بتقدير أقل مما تستحقه، وهذا ينعكس على أسعار أسهمها خاصة مع انخفاض الطلب. تكمن الاستراتيجية هنا بشراء الأسهم بأقل سعر وانتظار ارتفاعها مع نمو الشركة وهنا يكون الاستثمار للمدى المتوسط أو البعيد في معظم الأحيان.
الميزة في هذه الاستراتيجية أو النهج بأنه عندما تبدأ الشركات بالنمو فأن قيمة الأسهم ستتضاعف سريعًا وبالتالي يكون هامش الربح أعلى مقارنة مع شراء الأسهم في الشركات المستقرة مثلًا. لكنها على الجهة الأخرى ربما لا تحقق النمو المنتظر ما يعني عدم تحقيق النتائج المرجوة.
يوصى خبراء الاستثمار أن تضم المحفظة الاستثمارية كلا الاستراتيجيتين لتحقيق التوازن، ويمكن معرفة المزيد من المعلومات حول هذا الأمر من خلال مقالنا (أيهما أنسب استثمار النمو أم استثمار القيمة؟).
- استثمار الدخل (Income Investment)
تهدف استراتيجية استثمار الدخل إلى تحقيق دخل نقدي مستمر بغض النظر عن القيمة أو النمو الممكن تحقيقه من خلال الأسهم؛ وتنقسم طرق تحقيق هذه الدخل في أسواق المال من خلال توزيعات الأرباح من الشركات على أصحاب الأسهم، أو السندات المالية.
يذهب بعض الأشخاص إلى انتهاج هذه الاستراتيجية لتحقيق دخل إضافي لأغراض محددة؛ ربما لزيادة الدخل الشهري مثلًا.
- استثمار المؤشر (Index Investment)
تتيح هذه الاستراتيجية للمستثمرين شراء أصول في صناديق المؤشرات أو الصناديق المشتركة والمتداولة، ما يعني نمو الاستثمار وفقًا لأداء الأسهم والسندات المالية التابعة لتلك الصناديق ولا يحتاج الأمر من المستثمر نفسه التدخل في جميع الاستثمارات التابعة لها.
وببساطة، يوكل المستثمر بمجرد شراء حصة أو أصول في الصناديق المتداولة، مدراء الصناديق بالاستثمار بدلًا عنه.
- الاستثمار المخالف (Contrarian Investing)
استثمار عكس التيار؛ لأن الاستراتيجية تركز على شراء الأسهم في وقت تراجع السوق وبيع الغالبية لأسهمهم ما يعني انخفاض سعرها لأدنى مستوى، ويكمن الهدف هنا في بيع الأسهم لاحقًا بسعر أعلى بكثير بمجرد عودة السوق للعمل بطبيعته.
يتوجه المستثمرون الذين ينتهجون هذه الاستراتيجية إلى اختيار أسهم الشركات المتجذرة في السوق وتمتلك الإمكانيات والقيمة للعودة بقوة لقيمتها الحقيقية.
- الاستثمار النشط (Active Investment)
يقول المثل العربي “بع واشترِ، سموك تاجر غني”؛ وهذا بالضبط ما تعنيه استراتيجية الاستثمار النشط لأنها تركز على شراء الأسهم وبيعها في فترات متقاربة للاستفادة من فرق السعر.
تحتاج هذه الاستراتيجية متابعة السوق وتحليله بطريقة دقيقة، كونها تعتمد على انتهاز الفرص واختيار التوقيت المناسب للشراء للاستفادة من السعر المتدني والتوقيت المناسب للبيع لتحقيق أعلى سعر خاصة في حال كان هناك تراجع محتمل متوقع.
وتُكتسب القدرة على التحليل واختيار التوقيت المناسب بطريقة أفضل مع الوقت، لذا يحقق المستثمرون هنا عوائد أعلى مما يحققه غيرهم.
- الاستثمار الخامل (Passive Investing)
هل صادف وقام والدك بشراء قطعة أرض أو عقار في مكان ما وأخبرك أنها ادخار للزمن لأن سعرها سيتضاعف؟ هذا بالضبط ما يحدث في هذه الاستراتيجية.
تعتمد استراتيجية الاستثمار الخامل على شراء الأسهم والاحتفاظ بها لأطول فترة ممكن لأسباب مختلفة؛ منها الاستفادة من ارتفاع سعرها بعد عدة سنوات، ومنها تجنب دفع عمولات شراء وبيع الأسهم بين الفينة والأخرى. لذا يفضل المستثمرون هنا شراء أسهمهم في شركات لديها موقعها في السوق ومستقرة نوعًا ما، وهو ما يقلل المخاطر على استثماراتهم كذلك.
المصادر: