تحليل الاستثمارات ليس بالشيء السهل أو البسيط خاصة لمن لا يملك أي خبرة محاسبية ومالية، لكن مع مرور الوقت ورغبة الشخص بالاستثمار يمكن تعلم بعض الطرق المساعدة على تحليل الاستثمارات وتحسن من القرارات الاستثمارية.
سنستعرض في هذا المقال عدة جوانب تساعدك على التفكير بطريقة المحللين الاستثماريين لتحليل استثماراتك بنفسك واتخاذا قرارات أفضل.
لكن أولًا عليك الانتباه أن تحليل الأسهم عملية متكاملة
مهما اختلفت استراتيجيك أو تنوعت أهدافك الاستثمارية؛ الشيء الوحيد الذي يجب امتلاكه قبل كل شيء هو الحدس والقدرة على توقع واستغلال الفرص، فالاستثمار هدفه شراء الأصول بأقل قيمة وبيعها بأعلى قيمة ممكنة أو الاحتفاظ بها لتحقيق عوائد خلال فترة من الزمن في الوقت الذي ترتفع فيه قيمتها.
لذا، يقوم المستثمرون في هذه الحالة بإلقاء نظرة على الشركات التي تلمح لفرص نمو محتملة، ومن ثم تحليل بياناتها الأساسية بالاطلاع على القوائم المالية والإنجازات ونسبة النمو خلال الفترة السابقة، وهذه المعلومات تكون متاحة للجمهور لجميع الشركات المدرجة في أسواق المال.
وبعد مراجعة نتائجها المالية، ينظر المستثمرون أو المحللون إلى المنافسين في السوق، فكلما زاد حجم المنافسة زادت فرص النمو صعوبة والعكس صحيح، وهذا الأمر ينطبق كذلك على مزودي الخدمات لأن كثرتهم تعني حصول الشركات على أسعار منافسة للمنتجات وبالتالي يزيد هامش الربح.
ربما لا يمكن للأشخاص العاديين فهم جميع التفاصيل، لكن البحث ومتابعة الأمور السابق ذكرها حتى للحصول على معلومات بسيطة يعني تطوير القدرة على فهم السوق والفرص المتاحة، وبالتالي إمكانية اتخاذ قرارات استثمارية أفضل. وكلما تكررت العملية مع الوقت، سيكون بالإمكان اكتساب معرفة وخبرة أكثر واتخاذ قرارات أفضل مع الوقت.
ابدأ بخطوتك
تساعد التحليلات والتقارير الصادرة من المختصين في فهم حالة الشركات والسوق بشكل أفضل، لذلك بجانب متابعة المعلومات الخاصة بنفسك من المفيد النظر في التقارير المختصة وقراءتها وفهمها، لأن هذه الخطوة تساعد في تعلم كتابة التقارير والتحليلات الاستثمارية.
كما أن التقارير المختصة تساعد باتخاذ قرارات حول الفرص المتاحة، بالرغم من أنه من المهم عدم اتباع أي تحليلات ونصائح مطروحة، لأن تلك التحليلات ربما لا تكون موثوقة أو تتوافق معك، لذا فهم التحليلات ومن ثم التفكير في تطبيقها في حال كانت مناسبة أم لا هو الخيار الأفضل.
وما يساعدك باتخاذ قرار مشابه أكبر، هي التوقعات التي تنشرها الشركات حول النتائج المالية خلال ربع سنة أو سنة مقبلة، لأنها تكون بالعادة مبنية على تحليلات السوق والعملاء والمنافسين فيما يتعلق بالعرض والطلب، وبالتالي إذا توافقت مع تحليل ما فهذا يعني على الأرجح الوصول للنتائج المتوقعة سواء بالربح أو الخسارة، ما يساعد في اتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.
ما الذي يتوجب عليّ تحليله؟
تحليل الأساس أو تحليل الأسس من الأشياء التي تميز المحللين الاستثماريين والمستثمرين عن غيرهم، وغالبًا ما تتم عملية التحليل بطريقتين؛ الأولى من القمة للقاع، والثانية من القاع للقمة – والمقصود بذلك التحليل من الشركة وصولًا لتحليل الاقتصاد الكلي أو العكس.
لذا، بالإمكان أخذ نظرة واسعة عن السوق والشركات من خلال المعلومات المتاحة، ومن ثم مقارنتها وتحليلها لمعرفة أي القطاعات أفضل للاستثمار وأي الشركات هي الأنسب في كل قطاع، أو حتى إذا ما كان الاستثمار مناسبًا في الوقت المستهدف عند فهم الوضع الاقتصادي الكلي.
القطاع
تحليل القطاع مهم لفهم الفرص الكامنة فيه وجدارة الشركات بالاستثمار حينها، وغالبًا تنشر الشركات تحليلاتها عن السوق والتوقعات حول نموه وتراجعه في نتائجها المالية. ما يعني أن هناك معلومات مجانية يمكن الحصول عليها من الشركات بجانب المعلومات الصادرة من المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص حول قطاع معين.
بجانب ذلك، هناك الكثير من المواقع والمجلات التي تركز على أمور تحليلات السوق محليًا وعالميًا من مختصين وأصحاب خبرة في القطاع، ومن خلال الاشتراك معها سيكون هناك الكثير من البيانات الممكن الاستفادة منها.
نموذج العمل
تراجع قطاع معين لا يعني تراجع جميع شركاته في حقيقة الأمر، فربما تكون هناك شركة متجذرة في السوق ولها طابع خاص يربطها مع الجمهور على العكس الشركات الأخرى، وبالتالي في الوقت الذي تتراجع فيه الشركات تستمر هذه الشركة بتحقيق نتائج إيجابية.
الأمر مشابه مع القطاعات ذات النمو المرتفع، فليس كل شركة في قطاعات مشابهة لديها القدرة على النمو مثل غيرها، ما يعني أن الشركات ليست جديرة بالاستثمار على حد سواء.
هذا يعني أنه عند اختيار قطاع محدد للاستثمار، فمن المهم دراسة الشركات فيه وليس التوجه لأي شركة والاستثمار بها، وفي حال كان القطاع ضعيفًا فليس من الضروري استبعاد الاستثمار في كل شركاته فربما تكون إحدى الشركات مناسبة للاستثمار أكثر حتى من الشركات المتواجدة في القطاعات ذات النمو المرتفع.
الصلابة (القوة) الاقتصادية
النتائج المالية للشركة تحوي الكثير من التفاصيل، فالإيرادات العالية على سبيل المثال لا تعني أرباح أكثر، لأن الربح يأتي بعد حساب المصاريف التشغيلية وطرحها من قيمة الإيرادات. كما أنه في بعض الأحيان تكون لدى شرك ما إيرادات ضخمة لكن السيولة المالية لديها شحيحة في حين أن شركة بإيرادات أقل من الممكن أن تمتلك سيولة أعلى، وهذه العلامات تحدد قوة الشركة من عدمها.
فزيادة الإيرادات وارتفاع هامش الربح وزيادة السيولة أو النقد لدى الشركة يعبر عن قوتها، لذا ستساعد نتائج الشركات المالية في إعطاء صورة واضحة عن حالتها. لكن إذا لم تكن أرقام الشركات مفيدة للغاية، بإمكانك البدء فورًا بتحليل ومقارنة نتائجها مع غيرها – وهذا الأمر ليس صعبًا في الوقت الحالي لاسيما بوجود منصة سهمي كونها تمنحك القدرة على مقارنة نتائج الشركات باستخدام أكثر من 60 مؤشرًا ماليًا ومقارنة نتائج كل شركة مع غيرها داخل وخارج القطاع.
الجودة الإدارية
يعبر الاستقرار الإداري عن قوة الشركة، خاصة إذا كان مصحوبًا بوجود أشخاص ذوي كفاءة عالية في المناصب التنفيذية لأنهم سيكونون أكثر تميزًا باتخاذ القرارات من غيرهم. ويمكن التعرف على هؤلاء الأشخاص واستقرار الشركات من خلال بحث بسيط على الإنترنت وعلى مواقع الشركات المستهدفة والاطلاع على تاريخهم المهني وخبراتهم.
النمو
قيمة الأسهم مرتبطة تمامًا بنتائج الشركات، فتراجع النتائج يعني انخفاض الأسهم والعكس صحيح، لذلك يساهم الاطلاع على النتائج باستمرار في معرفة ما إذا كانت الأسهم سترتفع أم ستنخفض، ما يساعد باتخاذ قرارات استثمارية أدق.
ورغم أنه لا يوجد طريقة ممكنة لتحديد نتائج الشركات قبل إعلانها، إلا أن هناك الكثير من التوقعات المبنية على تحليلات دقيقة من مختصين تكون قريبة من النتائج الرسمية، كما هو الحال مع التوقعات المالية الصادرة من الشركات حول فترة معينة والتي تسبق الإعلان الرسمي للنتائج المالية.
التقييم
بعد استيعاب التوقعات والنتائج المالية، يصبح فهم قيمة الشركة أسهل. وبما أنه ليس هناك “أفضل سعر” بالمعنى الحقيقي لأن التقديرات تختلف من شخص لأخر، يمكن تقدير ارتفاع وانخفاض القيمة مقارنة مع النتائج المالية للشركات. فإذا كانت النتائج عالية جدًا سترتفع قيمة الأسهم بشكل ملحوظ وإذا كانت سيئة للغاية ستنخفض بشكل كبير على الأرجح، والنسبة تختلف فيما بينهما بطبيعة الحال.
لذا يكون السؤال المنطقي عند التقييم، هل نمو أو تراجع السهم متوافق مع نتائج الشركة المالية؟ إذا كان الجواب نعم فمن المرجح أن قيمة الأسهم وقتها مناسبة.
السعر المستهدف
وضع السعر المستهدف أو القيمة المستهدفة يأتي بعد فهم نتائج الشركة واستيعاب فروقات النمو التقييم الناتجة عن نسبة نمو وتراجع النتائج، وحينها يصبح تحديد القيمة المطلوبة لبيع أو شراء السهم أكثر سهولة.
ووقتها إذا وصل السهم مثلًا لسعر “أ” عند نمو قيمته، أو وصل سعر “ب” عند تراجع قيمته – يمكن اتخاذ قرار البيع أو الشراء بناء على السعر المستهدف والذي حُدد سابقًا بناء على التوقعات والنتائج المالية، وفي هذه العملية يمكن تحقيق الربح من خلال الشراء بأقل سعر ممكن والبيع بأعلى سعر متاح.
ما الذي يفعله محللي الأسهم؟
ما يفعله المحللين كثيرًا ما يمر عبر النقاط السابقة، لكن مع الفهم الواسع للأمور المالية والاقتصادية والخبرة المكتسبة من التجارب، يصبح بمقدورهم تحليل الفرص وفهمها بشكل أفضل مقارنة مع غيرهم، وبالتالي اتخاذهم قرارات أنسب.
ما العمل إذا ارتفع سعر الأسهم عن السعر المستهدف؟
إذا كنت واثقًا من تحليلك ووجدت أن السعر المستهدف تغير عن التوقعات، فربما لا يكون السبب في التحليل نفسه بل بالتغيرات التي طرأت على السوق. فهناك عدة عوامل لتحليل الأسس، ومن المهم معاينتها وإعادة تحليلها بين فترة وأخرى.
نقطة ختام
تحليل الاستثمارات والاستثمار بحد ذاته يهدف لتحقيق الربح عبر الاستفادة من الفرص المتاحة، لكن رغم ذلك لا يملك كل مستثمر الحدس اللازم لتحقيق نتائج كبيرة أو الخبرة المساعدة على ذلك. يذكرنا هذا بأن هناك فرص ربح وخسارة للجميع والربح ليس مضمونًا دائمًا، لكن تحليل النتائج والفرص في السوق يساعد باتخاذ قرارات أفضل ما يزيد من فرص الربح والنجاح.
المصادر: